بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد :
كم يراقب الإنسان الآخرين، وينسى مراقبة رب العالمين،
وكم يراقب العبد العبيد وينسى الإله المعبود، فيخجل البعض،
ويكف الآخر، ويندم ثالث، ويعتذر رابع، ويبكي خامس....
هذا كله عندما يعلم ويحس بأنه مراقب من قبل مخلوق مثله،
فكيف إذا علم وتيقن بأن العليم الخبير سبحانه وتعالى
مطلع عليه ويراه، ويسمعه، ويراقبه،
ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
أيليق بأحد بعد ذلك أن يتساهل في علم الله به، ونظره إليه،
أيقبل أحد أن يراه مولاه حيث نهاه؟، أو يفقده حيث أمره.
انتبه لنفسك ولا تجعل الله أهون الناظرين إليك، وهو سبحانه عالم السر والنجوى،
ويعلم عنك ما لا تعلم عن نفسك، فقد قال تعالى:
أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ
وقال : أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى
وقال: وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً
وقال: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ
وكن كما علمك النبي صلى الله عليه وسلم
عندما سئل عن الإحسان ؟ فقال :
أن تعبد الله كأنك تراه . فإن لم تكن تراه فإنه يراك
متفق عليه .
فالمراقبة عبادة عظيمة وهي:
"دوام علم العبد، وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى
على ظاهره وباطنه" .
هي ثمرة علم العبد بأن الله سبحانه رقيب عليه، ناظر إليه،
سامع لقوله، وهو مطلع على عمله كل وقت وكل حين،
وكل نفس وكل طرفة عين.
والغافل عن هذا بمعزل عن الهداية والتوفيق.
ومن راقب الله في خواطره، عصمه في حركات جوارحه.
وقد قيل لبعضهم : متى يهش الراعي غنمه بعصاه عن مراتع الهلكة ؟
فقال : إذا علم أن عليه رقيبا .
وقيل : المراقبة مراعاة القلب لملاحظة الحق مع كل خطرة وخطوة .
نعم لا تجعل الله تعالى أهون الناظرين إليك، بل راقبه،
وإذا جلست للناس فكن واعظاً لقلبك ونفسك
.
ولا يغرنك اجتماعهم عليك. فإنهم يراقبون ظاهرك.
والله يراقب ظاهرك وباطنك.
فالله عز وجل هو أعظم الناظرين إليك، العالمين بك، المطلعين عليك،
العارفين بأسرارك، ولا مفر لك منه، فالأرض أرضه،
والسماء سماؤه، والخلق خلقه، والناس عبيده،
وهو الذي أحياك، وسوف يميتك، ثم يبعثك،
ويوقفك بين يديه للسؤال.
يقول الله عز وجل فى حديث قدسى شريف
يا عبادي
ان كنتم تعتقدون أنى لا أراكم
فذاك نقص فى ايمانكم
وان كنتم تعتقدون أنى أراكم
فلم جعلتمونى أهون الناظرين اليكم؟!!!
فكن من المعظمين لله سبحانه وتعالى، ولأمره ونهيه، ولا تجعله أهون الناظرين إليك، والله المعين.
اللهم اجعل آخر أعمالنا خواتيمها
اللهم اغفر لكاتبه وناقله وقارئه
لا تنسونا من دعائكم